تقدم لا تمثل التيارات المدنية

عثمان بابكر محجوب

يعيش الشعب السوداني دراما واقعية مؤلمة : قتل وجوع ومرض واوبئة وتشرد. في المقابل تعيش القوى السياسية وطرفي الحرب على مسرح الكوميديا اذ نلمس ان الاطراف الثلاثة الذين تشاركوا بالتكافل والتضامن على اختطاف ثورة ديسمبر وتدميرها واغتيال اي أمل في بناء سودان ترعى فيه الدولة حقوق الانسان وتستغل ثرواته لصالح كل أهله ، فالجيش والدعم السريع طرفي المعادلة ما زالوا على غيهم. لا اخلاق تردعهم ولا ضمير يؤنبهم . تتبعهم الحرباء قحت بلونها الجديد تقدم اذ تبحث بين اطلال البلاد وخرائبها عن سلطة لحكومة مدنية اوهمتها أميركا انها ستقدمها لها على طبق من فضة.

وشر البلية ما يضحك حيث ان تقدم في خطابها تتوجه الى الدعم السريع بمقطع من اغنية صباح : “شو ما عملنا بيرضيكي وشو ما عملتي بيرضينا” وبكلمات من اغنية عبدالحليم للاطمئنان عن حمدوك يأتي الرد : ” طمنوني الاسمراني عاملة ايه الغربة فيه”. وهنا نغفل الحديث عن الكيزان وفلول البشير وخونة اتفاق جوبا من الحركات المسلحة لانه اذا كان لثورة ديسمبرمن انجاز يكون هذا الانجاز انها رمتهم الى مزبلة التاريخ واي حديث عنهم هو بمثابة نشر روائح كريهة لا نريد ان يشمها اي سوداني بعد اليوم علما اننا ندرك تماما ان الجيش مختطف منها ويكفينا الحديث عن قذارة البرهان كونه واجهة الحركة الاسلامية وقائد ميليشيات قوى الردة .

وهنا لا بد من التأكيد اننا لا نتجنى على تقدم ولا يهمنا انها تمارس هوايتها السياسية في بلاد الاغتراب والمهجر ولا انها تخفي علاقتها التبعية للدعم السريع انفاذا لرغبات المشيخة لكن نستنكر كل الاستنكار خطابها الكاذب اذ يقولون :” لا نعترف بالبرهان رئيساً لمجلس السيادة ومنذ انقلاب ٢٥ أكتوبر ليس هناك سلطة في السودان.”

اذا كنتم صادقين لماذا تعترفون بحمدوك رئيسا عليكم وهو من اعترف بالبرهان ووقع اتفاقا معه بعد الانقلاب ؟ ولماذا توقعون اتفاقيات مع حميدتي وهو شريك البرهان في انقلاب 25 اكتوبر وجرائم فك الاعتصام ؟ ولماذا تلهثون خلف البرهان لمقابلته ؟ ان افلاسكم السياسي ادى الى الانفصام واعلموا ان حمدوك لا مكان له في مستقبل السودان كالبرهان وحميدتي . وما خوفكم على ثورة ديسمبر من احتمال اتفاق البرهان وحميدتي من جديد هو خوف على تنحيتكم جانبا وليس خوفا على الثورة فاذرفوا دموع التماسيح اذا ما حصل ذلك.

اما ما نحن فيه اليوم هو ان مشروع تفتيت السودان هو مشروع حقيقي ينفذ على نار هادئة وما ادخال ايران الى الملعب سوى لعبة مدروسة هدفها تعقيد الوضع أكثر لانه مع زيادة تشابك وتعارض المصالح بين القوى الاقليمية يتم خلق نزاعات قبلية جديدة تساهم في الانهيار الكبير للتعايش السلمي بين القبائل والاثتيات بحيث يصبح لكل منها الحق في البحث عن معادل سياسي يضمن لها الحماية من الابادة وبضمانة من دولة قريبة او بعيدة . وفي الختام ماذا يجري في ليبيا والعراق وسوريا واليمن تماما سيجري في السودان وليس في الامر تشاؤم او تفاؤل لانه امام ما تطبخه اميركا لا فائدة للمشاعر .

اقوال مأثورة

يقول البرهان : صحيح ان وطن الديمقراطية اليونان لكن مقبرتها ستكون في السودان .
يقول حميدتي : لا نريد الديمقراطية التي يختار فيها الشعب حكامه . بل نريد الديمقراطية التي يختار فيها الحاكم شعبه .
يقول حمدوك : عندما تنظر الى هذه الحياة وانت صاحي تفهم انه يجب ان تشرب حتى الثمالة .

[email protected]

Comments (0)
Add Comment