بعد طرد موظفين في الأونروا.. الأمين العام للأمم المتحدة يعبر عن “رعبه”

يثير التراشق الإعلامي الذي حصل مؤخرا بين قطر وإسرائيل الكثير من التساؤلات بشأن توقيته ومدى تأثيره على الصراع في قطاع غزة، والأهم من ذلك تداعياته المحتملة على جهود الوساطة التي تقوم بها الدوحة لإطلاق سراح الرهائن الذين لا تزال حماس تحتجزهم في القطاع.

وتم تسريب تسجيل صوتي بثته القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية لاجتماع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، مع عائلات رهائن، وصف خلاله قطر بأنها “إشكالية”. 

وقال نتانياهو، وفقا لما جاء في التسريب الصوتي، “لم تروني أشكر قطر، هل لاحظتم؟ أنا لم أشكر قطر. لماذا؟ لأن قطر، بالنسبة لي، لا تختلف في جوهرها عن الأمم المتحدة، عن الصليب الأحمر، بل إنها بطريقة ما أكثر إشكالية. ومع ذلك فإنني على استعداد للتعامل مع أي وسيط الآن يمكنه مساعدتي في إعادتهم (الرهائن) إلى الوطن”.

وقال نتانياهو في التسجيل إن “قطر تتمتع بنفوذ على حماس لأنها تمول الحركة”. وأبلغ عائلات الرهائن بأنه “غضب بشدة من الأميركيين” مؤخرا لتجديدهم لاتفاق لتوسيع الوجود العسكري الأميركي في قاعدة بقطر.

وكان بيان صادر عن مكتب نتانياهو في الثاني من ديسمبر الماضي نقل عن رئيس الموساد القول إن بلاده تشكر مسؤولي الاستخبارات في الولايات المتحدة ومصر، إضافة الى رئيس الوزراء القطري، على “جهود الوساطة الجبارة” التي أفضت إلى الهدنة التي جرت في نوفمبر.

وأثار التسجيل الصوتي المسرب استياء القطريين، حيث عبرت الدوحة، الأربعاء، عن استنكارها الشديد للتصريحات المنسوبة لنتانياهو.

وكتب المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، على أكس “نستنكر بشدة التصريحات المنسوبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي في تقارير إعلامية مختلفة حول الوساطة القطرية”.

وتابع “إذا تبين أن التصريحات المتداولة صحيحة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعرقل ويقوض جهود الوساطة، لأسباب سياسية ضيقة بدلا من إعطاء الأولوية لإنقاذ الأرواح، بما في ذلك الرهائن الإسرائيليين”.

وقال متحدث الخارجية القطرية “بدلا من الانشغال بعلاقة قطر الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، نأمل أن ينشغل نتانياهو بالعمل على تذليل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن”.

وتعقيبا على بيان الأنصاري، اتهم وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، الدوحة “بدعم وتمويل الإرهاب”.

وقال سموتريتش، الذي يترأس حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف، عبر منصة أكس إن قطر “مسؤولة إلى حد كبير” عن الهجوم الذي قادته حركة حماس في السابع من أكتوبر على مناطق بجنوب إسرائيل، ودعا الدول الغربية إلى ممارسة المزيد من الضغوط عليها للإفراج الفوري عن الرهائن.

وكتب سموتريش “هناك شيء واحد واضح: قطر لن تكون منخرطة في ما يحدث في غزة في اليوم التالي للحرب”.

وساعدت قطر في نوفمبر الماضي في التوصل لهدنة استمرت سبعة أيام تم خلالها إطلاق سراح 110 من الإسرائيليين والأجانب الذين كانوا محتجزين في غزة مقابل الإفراج عن 240 فلسطينيا كانوا معتقلين لدى إسرائيل.

وخُطف خلال هجوم حركة حماس، المصنفة إرهابية في واشنطن، نحو 250 شخصا لا يزال 132 منهم محتجزين في قطاع غزة، بحسب السلطات الإسرائيلية، ويرجح أنّ 28 منهم على الأقل لقوا حتفهم.

وفي تصريحات، الخميس، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن “علاقة قطر بحماس قرار يعود لقطر أن تتخذه، ولكن الدوحة لعبت دورا كبيرا في إطلاق سراح الرهائن”.

بالمقابل تتزايد الضغوط الداخلية على حكومة نتانياهو من أجل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين.

ويقول المحلل السياسي القطري، عبد الله الخاطر، إن “الأزمات والضغوط تزداد على نتانياهو واليمين المتشدد في الحكومة”.

ويعتقد الخاطر أن “نتانياهو يريد استمرار الحرب لأنها تصب في مصلحته سياسيا.. وأي بارقة من أجل تحرير الرهائن قد يراها في غير صالحه”.

ورفض متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق لموقع “الحرة” على ما ورد في التسجيل الصوتي وكذلك ما إذا كان حقيقيا أم لا.

وردا على طلب للتعليق من قبل وكالة رويترز على بيان قطر وما إذا كان التسجيل المسرب صحيحا، قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن إسرائيل “لا يمكنها الخوض في التفاصيل فيما يتعلق بالجهود والخطوات المتخذة لإطلاق سراح الرهائن”.

ويشير أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، مئير مصري، إلى أن “إسرئيل لا تفاوض حماس بوساطة قطرية، وإنما تفاوض قطر بوساطة أميركية، لأن قطر هي من تقرر لحماس”، حسب تعبيره.

ولطالما قدمت قطر نفسها على أنها وسيط دولي موثوق، وعملت على التواصل مع كثير من الجماعات المسلحة، بما في ذلك حزب الله اللبناني المصنف إرهابيا وحركة طالبان في أفغانستان. 

وفي سبتمبر 2023، توسطت الدولة الخليجية في صفقة تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وإيران، والتي شملت أيضا نقل 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية إلى قطر لاستخدامها للسلع التي لا تشملها العقوبات المفروضة على طهران.

وأضاف مصري، في حديث لموقع “الحرة” أن “قطر هي من مول نشاط حماس على مدى 17 سنة وحمت قياداتها بثرواتهم”.

ونفت قطر رعايتها أو تمويلها حماس، لكنها قالت إنها وافقت على استضافة المكتب السياسي بعد أن طلبت الولايات المتحدة منها فتح قناة تواصل مع الحركة قبل أكثر من عقد من الزمن. 

وقامت قطر بمدفوعات لحركة حماس على مدى سنوات، بموجب اتفاق اعتاد أن يشهد وصول دبلوماسيين قطريين إلى القطاع كل شهر بحقائب تحتوي على 15 مليون دولار نقدا.

ووافقت إسرائيل على الصفقة في اجتماع لمجلس الوزراء الأمني في أغسطس 2018، خلال فترة ولاية نتانياهو السابقة رئيسا للوزراء، مما جعله يتعرض في ذلك الوقت لانتقادات بسبب اتهامات بتساهله مع حماس.

وكان من المفترض أن تخصص هذه المساعدات المالية لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في غزة. 

ودافع نتانياهو عن هذا الاتفاق معتبرا أنه يعيد الهدوء لقرى الجنوب (القريبة من غزة) في إسرائيل، ويمنع حدوث كارثة إنسانية في غزة. 

وكان من بين منتقدي نتانياهو في ذلك الوقت وزير التربية والتعليم آنذاك، نفتالي بينيت، الذي أصبح لاحقا رئيسا للحكومة.

وقال بينيت، في ديسمبر الماضي، إنه توقف عن السماح بسداد المدفوعات نقدا عندما أصبح رئيسا للوزراء، مضيفا لشبكة سي أن أن، “لماذا نعطي أموالا نقدية لقتلنا، معتبرا أن ذلك كان “خطأ فظيعا”.

وأتاحت الهدنة التي استمرت، سبعة أيام وبدأت اعتبارا في 24 نوفمبر، وقف الأعمال القتالية والإفراج عن رهائن محتجزين في غزة مقابل معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

ويبين مصري أن “وقف القتال لمدة شهرين سوف يسمح لحماس بالتقاط أنفاسها مما سوف يعرض المزيد من الجنود الإسرائيليين للخطر بعد عودة القتال”.

ويلفت مصري إلى أن “ملف المختطفين شائك وموجع، ولكنه ثانوي إذا ما قارناه بحجم الضحايا والخسائر التي تكبدتها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر وبأهمية الهدف الاستراتيجي من الحرب بالنسبة لإسرائيل، وهو القضاء نهائيا على حماس”.

وتحاول قطر ومصر والولايات المتحدة حاليا التوسط للتوصل إلى هدنة جديدة في غزة، تكون أطول من السابقة وتتيح الإفراج عن رهائن ومعتقلين فلسطينيين وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين.

وفي أكتوبر الماضي تحدثت تقارير غربية عن اتفاق جرى بين الولايات المتحدة ينص على أن قطر مستعدة لإعادة النظر في روابطها بحماس بعد حل أزمة الرهائن الذين تحتفظ بهم الحركة في غزة.

وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية نقلا عن أربعة دبلوماسيين مطلعين على المناقشات، إنه تم التوصل إلى الاتفاق، الذي لم يتم الإعلان عنه سابقا، خلال اجتماع عقد في الدوحة بين وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وقال المسؤولون الذين تحدثوا للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويتهم، إنه لم يتقرر بعد ما إذا كانت إعادة التقييم المرتقبة ستؤدي إلى نفي قادة حماس من قطر، حيث يحتفظون منذ فترة طويلة بمكتب سياسي في العاصمة، أو إن كان الأمر سيقتصر على خطوات أقل من ذلك.

وبينت الصحيفة أن الاتفاق هو محاولة لتحقيق التوازن بين هدف إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قصير المدى المتمثل في إنقاذ أكبر عدد ممكن من الرهائن مع هدفها على المدى الطويل المتمثل في محاولة عزل حماس بعد هجومها على إسرائيل، في السابع من أكتوبر.

ولعبت قطر دورا فعالا في مساعدة الولايات المتحدة وإسرائيل على تأمين إطلاق سراح الرهائن والتواصل مع حماس بشأن القضايا الملحة الأخرى، بما في ذلك تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وقد لاقت جهود الوساطة الأخيرة التي بذلتها إشادة من الولايات المتحدة وإشادة نادرة من إسرائيل.

ويؤكد المحلل القطري عبد الله الخاطر أن قطر ستستمر في جهودها مستغلة علاقاتها الطيبة مع وسطاء آخرين كمصر والولايات المتحدة من أجل إيجاد حلول للأزمة الراهنة في غزة، على الرغم من التصريحات الإسرائيلية الأخيرة” في إشارة منه إلى التسريب الصوتي لنتانياهو.

Comments (0)
Add Comment