أوراق برس
كل ما يهمك

- الإعلانات -

- الإعلانات -

الإعلام بين الحفر والدفن أب كُراعاً برّه!! … كتب: هاشم عوض

- الإعلانات -

 

طالعت أمس الأول مقالا، للدكتور خالد البلولة، نشره على صفحته بالفيسبوك، تحت عنوان: (العمل في التلفزيون يفضح القدرات). لفت نظري المقطع الدرامي والحوار الذي دار في مستهل المقال. إنت جدك دا بيشتغل شنو؟. جدي دا حفار. حفار كيف يعني يشتغل في التلفزيون؟. قالوا عندكم حفر كتير في التلفزيون. مسألة الحفر هذه، هي إحدى العلل التي أقعدت بنا كثيرا وحالت دون تقدمنا، لذلك اتخذتها عنوانا للتعليق على المقال. وحتى يكتمل الحفر، دعنا نستبدلها بعبارة الإعلام بدلا عن التلفزيون، لتشمل منظومة الإعلام المقروء والمرئي والمسموع.

يظل الجدل مستمرا عن حال الإعلام ومعضلاته، ومع التطور الذي ينتظم الحياة، للأسف تتطور مشاكله وتتفاقم.

- الإعلانات -

لكل وسيلة إعلامية سياساتها ورؤيتها الهادية. قبل أن تطأ أقدامك أرض أية مؤسسة إعلامية، لا بد من اجتيازك للاختبارات المُعدة لذلك، واستيفاء الشروط التي تؤهلك للعمل في تلك المؤسسة الإعلامية. ولا تستغرب إن تجاوزك الاختيار، وتم توظيف مَن هو دونك كفاءة وتأهيلا. فهذا أمر معمول به وغير مستبعد. وبعد اعتمادك، يأتونك بوثيقة مكتوب عليها كلام جميل، يطربك للدرجة التي تجعلك تبصم وتوقّع بأنك ستظل وفيا لهذه المؤسسة الإعلامية ما دمت حيا، وستقدم عصارة جهدك، دعما لها ورفعا لشأنها بين الفضائيات. ولكن بعد فترة تكتشف، أن ما وقّعت عليه مجرد حبر على ورق، ولا علاقة له بالواقع. هذه أشياء باتت معروفة، يعيها تماما كل من ولج هذا المجال. حينها أنت أمام خيارين، أما الاستمرارية أو المغادرة. فأنت وحدك مَن يحدد.

الإعلام على دين دولته، هذه حقيقة ماثلة، والجدل حولها لا يفيد، حيث مالت الدولة يميل. وقد يتجاوز الأمر الدولة، إن كانت مصادر تمويله من خارجها. ومَن يمتلك المال، هو وحده مَن يتحكم في الأمر برمته.

الحرب الدائرة الآن، كشفت أهمية ودور الإعلام، وهي فرصة لإعادة ترتيب الأوضاع من جديد. للأسف الناس ظلوا يتساءلون عن أجهزتهم الإعلامية التي افتقدوها وهم في أمس الحاجة لها. ظلت المعلومات غائبة عنهم، لا يعرفون ماذا يدور حولهم؟. ينتظرون الإجابة ولكنها لا تأتي. الصحف والتي تمثّل منظومة الإعلام المقروء، خرجت منذ فترة لأسباب كثيرة، منها كلفتها التشغيلية العالية، وتراجع دورها كثيرا مع المد الإعلامي الكاسح، الذي انتظم الفضاء. توقفت الصحف جميعها تماما عن الصدور، وتحولت إلى صحف إلكترونية. أما الإذاعة فهي ليست أفضل حالا من الصحف، رغم أنها يمكن أن تُدار من أي مكان. افتقد الناس الإذاعة القومية فترات طويلة بسبب الحرب، وحتى عندما تعود فإنها لا تشفي غليلهم، ولا تجيب عن أسئلتهم الحائرة، برامجها مُعادة على مدار اليوم، يبدو أن ارشيفها تأثر. التلفزيون رغم أنه الأكثر تاثيرا، ولكنه كان مخيبا للآمال. تُرى أين ذهبت تلك الجيوش الجرارة؟. وأمر طبيعي أن يعتمد التلفزيون على ذوي التجارب المحدودة لحين انجلاء الأزمة. قد نجد لهذه الوسائط الإعلامية الأعذار أيام الحرب. ولكن لا عذر الآن بعد أن خفت وتيرتها. هناك الكثير الذي ينبغي فعله وتوثيقه.

من الأشياء التي نستغربها كسودانيين قبل الآخرين، لماذا يبدع السوداني خارج وطنه، ويقدم أفضل ما عنده، بينما تجده هنا يتقاعس ويتماطل؟. الإعلامي أيضا لا ينفصل عن ذلك. فهناك الكثيرون الذين هاجروا وكانوا يعملون هنا في التلفزيون وغيره، أصبحوا الآن نجوما، بل ومن المؤسسين لفضائيات شهيرة مثل الجزيرة والعربية والحدث وغيرها. فالسوداني عندما يغادر محطات الحفر والوساطات، ويجد البيئة المهيأة والعائد المادي المجزي، يبدع ويعطيك أفضل ما عنده. ولكن ماذا تفعل مع مقولة؟: (يا جماعة دا أخونا ودي زولتنا). وليس أمرا غريبا، أن تجد الزميلة التي دربتها يوما ما، هي مديرتك في القناة، طالما رأى مدير القناة ذلك.

إشارتك لتلك الزميلة التي تتمتع بجمال فائق، إلا إنها كانت تستعجل الظهور، وضربت بنصائحكم عرض الحائط، وحمدتم الله أنها تزوجت وغادرت لزوجها. اعتقد أنها لو تمهلت قليلا، قطعا كانت ستجد مَن يتبناها ويساعدها، سيهب الكثيرون ويتسابقون لدعمها، بكل ما يملكون، وستجد قطاعا عريضا من المشاهدين في انتظارها، لأننا بطبعنا كبشر نضعف أمام الجمال، وما دونه لا يهم. الطلة البهية مطلوبة، والكل يحبذها، لذلك ظل التفوق في هذا الجانب لصالح المرأة، ولكن يبدو أن البهارات زادت كثيرا في الآونة الأخيرة. لعل بعضكم تابع الحوار الشيق، الذي دار كتابة بين ذلك المعجب وتلك المذيعة، التي ردت عليه بقولها: (نحن لسنا بذلك الجمال، الذي تراه على الشاشة، إنها مجرد مساحيق).

- الإعلانات -

حال اللغة العربية لا يسُر، فهي لا تجد ما يليق بها من اهتمام، رغم أهميتها، خاصة لمن يعملون في مختلف الأجهزة الإعلامية. معروف أن لغة الإعلام تُحبذ فيها السهولة بعيدا عن تعقيدات اللغة، لضمان وصولها إلى أكبر قدر ممكن من المستهدفين بالرسالة الاعلامية. فقط يبقى رهاننا على اختيار العناصر المؤهلة للقيام بهذا الدور المهم.

مواكبة الأحداث وملاحقتها على مدار الساعة، أمر في غاية الصعوبة والتعقيد، يحتاج جهدا لا يتوقف، وعزيمة لا تلين. وتظل البرامج التي تخاطب قضايا الناس على سلم الأولويات، لكنها لا تسلم من تغول الساسة وجبروتهم.

اعتقد أننا قريبا سنقول وداعا لذلك الجيش الجرار من العاملين في الأجهزة الإعلامية. الآن مع تقنية الموبايل المتطورة، بات في مقدور كل مَن يمتلك جهاز موبايل أن يؤدي دور الصحفي، فما عليك إلا أن تقوم بتصوير حدث ما، وأن تعبّر عن المشهد بأية لغة شئت، وترسله إلى الجهة الإعلامية، فهناك مَن يتولون بقية الأمور من صياغة وحبكة. أو تنشره عبر صفحتك بالفيسبوك أو تيك توك أو غيرها من الوسائط، عندها سيصل إلى الملايين لحظة وقوعه، وتنال فضل تحقيق السبق. لن تستطيع المؤسسات الإعلامية، مهما توفر لها من إمكانيات، أن تصل إلى أي مكان في الأرض، لذلك أصبح الاعتماد على السوشيال ميديا بدرجة أكبر، وباتت من أهم المصادر التي تعتمد عليها المؤسسات الإعلامية حتى الرائدة منها في مادتها.

أما ما يلفت الانتباه، ويثير القلق حقا، فهو ظاهرة اللايفات التي انتشرت بكثرة، والهردبيس الحاصل هذا، بإمكان كل من هبّ ودبّ أن يطلَع لايف، وأن يتفوّه بما شاء من العبارات غير اللائقة والسوقية. منتهى الانحطاط وقلة الذوق والأدب، وما يؤسف له، يجد مَن يتجاوب معه ويشجعه. للأسف أصبح الفضاء ساحة لتصفية الحسابات، واستجداء الناس، وحتى ممارسة السرقة والنصب والاحتيال. نسأل الله العافية.

الإعلام بحر متلاطم الامواج، غرق الكثيرون في لجته، ومَن بقِي منهم تتقاذفه الأمواج.

أخي خالد.. دمت بخير وعافية.

ود عوض

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

Leave A Reply

Your email address will not be published.